مولد عثمان بن عفان

تذكير الإخوان بشيء من مناقب ذي النورين عثمان
المدافع المسلم
تاريخ النشر :06 مارس, 2006 م



هو أمير المؤمنين الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، من بني عبد شمس إحدى العشائر الشهيرة في قبيلة قريش.
وأمه: أروى بنت كريز كذلك من بني عبد شمس.

وُلِد رضي الله عنه بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أعوام.

لقد اشتهر عثمان بن عفان رضي الله عنه بأخلاقه الفاضلة وآدابه العالية ولا سيما شدة حيائه ورجاحة عقله وتواضعه الجم للمؤمنين.

وكان يبذل كل ما يملك في سبيل مولاه جلّ وعلا، شكوراً لله تعالى أن فتح عليه أبواب الرزق الواسعة وأنواع التجارة الرابحة.

ومن أشهر نفقاته في سبيل الله تجهيزه لجيش العسرة – غزوة تبوك التي هي أكبر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وآخرها وأصعبها وكان عدد الصحابة فيها ثلاثين ألف مجاهد. فقد دفع عثمان رضي الله عنه من ماله ألف دينار لتجهيز هذا الجيش العظيم (وهي يعادل ملايين الدولارات بحسابات هذا العصر) فقال النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقلب تلك الدنانير الهائلة بيديه الشريفتين: "ما ضرّ عثمانَ ما عَمِل بعد اليوم !!" -يكررها مرات-.

ولم يتّكل عثمان على البشارات الكثيرة التي بشّره النبي صلى الله عليه وسلم بها فيدع العمل ويرتكب ما شاء من المعاصي، كلاّ، ومعاذ الله، بل كان رضي الله عنه عظيم الخوف من الله تعالى كما كان عظيم الرجاء لثوابه، مثل ما كان يسير عليه سلفه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر –رضي الله عنهم أجمعين-.

كما واصل عثمان رضي الله عنه حياته عفيفاً، كريماً، وصولاً للرحم، متزوّداً بالورع والتقوى والخوف من المولى –سبحانه وتعالى-.

وكان رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي قانتاً لربه بكّاءً عند ذكر الآخرة.

وقد تشرّف عثمان بن عفان رضي الله عنه بشرف السبق في الإسلام فأسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمجرد سماعه رسالة النبي عليه الصلاة والسلام.

كما تشرّف رضي الله عنه بأجر الهجرتين؛ هجرة الحبشة وهجرة المدينة النبوية.

كما تشرّف أيضاً بالزواج من النورين الكريمتين بنتي الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام الذي أكرم عثمانَ بتزويجه من "رقيّة" أولاً، ثم وبعد أن قضت رقية –رضي الله تعالى عنها وأرضاها- نَحْبَها ورحلت إلى ربها صابرةً محتسبةً لمصابها؛ بادَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج عثمان من ابنته الأخرى السيدة الفاضلة الجليلة "أم كلثوم" رضي الله تعالى عنها وأرضاها. ولذلك لُقّب عثمان رضي الله عنه بـ"ذي النورين".

وكان الصحابة الكرام يعرفون لعثمان رضي الله عنه فضله العظيم ومكانته الجليلة فكانوا يَعُدُّونه رابع أمة الإسلام فضلاً وقدراً ومنزلة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.

وكما كان عثمان رضي الله عنه مقرّباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كذلك من أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما-، ولذلك أدخله الفاروق ضمن "الستة" الكرام المبشّرين بالجنة وأوصى المسلمين باختيار أحدهم خليفةً من بعده، فاختار المهاجرون والأنصار كلهم عثمانَ بن عفان رضي الله عنه وبايعوه.

وبذلك صار عثمان بن عفان رضي الله عنه خليفةً لعمر بن الخطاب وأميراً للمؤمنين في أول محرّم من العام الرابع والعشرين بعد الهجرة النبوية.

ومن أهم منجزاته في خلافته:
1- قيامه بالجمع الثاني للقرآن الكريم، مما كان سبباً لجمع كلمة المسلمين ومنعاً لوقوع الاختلافات، وقد أجمعت الأمة على مصحف عثمان رضي الله عنه في جميع الأمصار والأعصار.
2- توسعته وتقويته عمران المسجدين الشريفين؛ المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة النبوية.
3- الفتوحات الكبيرة في عهده واستعادة البلدان التي انتقضت على الدولة الإسلامية بعد مقتل عمر رضي الله عنه واستشهاده. واستمرّ رضي الله عنه في توسيع رقعة الدولة الإسلامية حتى فتح الله تعالى للمسلمين بلداناً نائية كثيرة كأذربيجان، وأرمينية، وإفريقية (تونس حالياً وما حولها حالياً)، وبلاد النوبة، وجزيرة قبرص، ومدناً أخرى من أقاصي خراسان مثل كابل وشيراز وإصطخر وغير ذلك.
4- كما تميّز رضي الله عنه بتوسيع النفقات والعطايا على المسلمين حتى ازدهرت الحالة الاقتصادية والاجتماعية لجميع من كانوا يعيشون في ظل الدولة الإسلامية الواسعة شرقاً وغرباً.
5- كما كان عثمان رضي الله عنه خليفةً حليماً رحيماً بالأمة، يعفو عن إساءة المسيئين له ويتجاوز عن مظالم الجاهلين تجاهه.

وربما كان ذلك سبباً في تجرأ المنافقين الذين استغلوا هذه النقطة الحساسة وبدؤوا يتمادون في غيّهم وطغيانهم بتخطيط ومكر من عبد الله بن سبأ المجوسي الذي تظاهر بالإسلام ليضربه من الداخل. فتجمّع حوله كثير من أصحاب الهوى والمطامع الدنيوية والجهال الذين انخدعوا بأكاذيب ابن سبأ حتى قدِموا على المدينة لمناقشة عثمان رضي الله عنه ومطالبته بالتنحّي عن الخلافة – وقد أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يخلع ثوباً ألبسه الله إياه (وكان يعني الخلافة)-.
وقد استغلّ المنافقون الخوارج فترة خلوّ المدينة من الناس في موسم الحج ليتسنى لهم قتله إن لم يتنازل عن الخلافة.

فاستشهد عثمان رضي الله عنه على يد أولئك المجرمين في سنة 36 للهجرة وهو يبلغ من العمر الثمانين، وقُتِل وهو يقرأ القرآن الكريم وقد استعدّ للشهادة استعداداً تامّاً.

ودُفِن رضي الله عنه في مقبرة البقيع قرب المسجد النبوي الشريف بالمدينة النبوية.

فرحم الله أمير المؤمنين عثمان بن عفان ذي النورين ورضي عنه وغفر له، حيث فدى بنفسه وروحه في سبيل الله من أجل حقن دماء المسلمين وأعراضهم.

اللهم إنا نشهدك أنا نُحِب عبدك ووليك وصاحب نبيك عثمان بن عفان ، فاحشرنا معه ومع خليليك محمدٍ وإبراهيم –عليهما الصلاة والسلام- في جناتك جنات النعيم يا أرحم الراحمين.

مشكـــــــــــــــــــــور